0

   
فن السرور
من أعظم النعم سرور القلب واستقراره وهدوءه وقالوا: إن السرور فن يُدرس، والأصل في طلب السرور قوة الاحتمال، فمن أصول دراسة فن السرور: أن تلجم تفكيرك وتعصمه؛ فإنك إن تركت تفكيرك وشأنه جمح وطفح وأعاد عليك ملف الأحزان، وقرأ عليك كتاب المآسي منذ ولدتك امك، ومن الاصول أيضاً: أن تعطي الحياة قيمتها وأن تنزلها منزلتها، فهي لهو لا تستحق  منك إلا الإعراض والصدود؛ لأنها أم الهجر ومرضعة الفجائع، وجالبة الكوارث، صفوها كدر، مولودها مفقود، وسيدها
محسود، ومنعَّمها مهدد، وعاشقها مقتول بسيف غدرها.
هناك نفوس تستطيع أن تصنع من كل شيء شقاء، ونفوس تستطيع أن تصنع من كل شيء سعادة، الحياة فن، ومن يتعلم ... فالنفس الباسمة ترى الصعاب فتذللها ... إن الصعاب في الحياة أمور نسبية فكل شيء صعب جداً عند النفس الصغيرة ... ولا صعوبة عظيمة عند النفس العظيمة.
واصنع من الليمون شراباً حلواً ... فإن الذكي الذي يحول الخسائر إلى أرباح ... والجاهل يجعل المصيبة مصيبتين.
فلتكن صاحب همة ... همة تنطح الثريا ... إذا اعطي العبد همة كبرى ارتحلت به في دروب الفضائل وصعدت به في درجات المعالي، فالهمة هي مركز السالب والموجب في شخصك ... الرقيب على جوارحك وهي الوقود الحسي والطاقة الملتهبة التي تمد صاحبها بالوثوب إلى المعالي والمسابقة إلى المحامد ... ليرقى إلى درجات الكمال ... فلا يراك الناس واقفاً إلا على أبواب الفضائل ولا باسطاً يديك إلا لمهمات الأمور ... تنافس الرواد في الفضائل ... وتزاحم السادة في المزايا ... لا ترضى بالدون ... ولا تقف في الاخير ... ولا تقبل بالأقل ... ولا تغلط فتخلِط بين كبر الهمة والكبر، فكبر الهمة تاج على مفرق القلب الحر المثالي ... تصعد بصاحبها أبداً إلى الترقي، والكبر يهبط به دائماً إلى الحضيض ...
فيا طالب العلم ... ارسم لنفسك كبر الهمة فقد أومأ الشرع إليها في فقهيات تلابس حياتك؛ لتكون دائماً على يقظة اغتنامها.

إعداد: مها الصُّوي.
هـ. كيميائية - كلية الحصن الجامعية.